السبت، 1 أبريل 2017

مشاجرات الأطفال.. المشكلة والعلاج



لا شكَّ أن نعمة الأطفال من أعظم نعم الله - سبحانه وتعالى - وأجلِّها، لا يُقدِّر شأنها ويُعظِّم قدرها إلا من حُرِم منها، وتلك النعمة تتطلَّب منا الشكر والحمد على أن وهبنا الله إياها.



ولكن قد نجد أن الكثير من الآباء يَشعرون أن أبناءهم هم مصدرالألم لهم؛ وذلك بسبب وجود مشاجَرات وخلافات بين أطفالهم؛ حيث يعتقد بعض الآباء أن الأبناء ما داموا في بيئة جيدة مُلتزمة بالدين والأخلاق، فلا بد أن يكون هؤلاء الأبناء معصومين من الخطأ أو الزلل أو إحداث سلوكيات سيئة، ولكن هناك حقيقة هامة يجب أن يتذكَّرها الآباء دائمًا، وهي أن الطفل طفل؛ بمعنى أنه يحتاج بصفة مستمرة إلى تربية وتعليم وتقويم، ومع ذلك يُتوقَّع منه بعد ذلك الخطأ والنسيان.



ولذلك يجب علينا - نحن الآباءَ - ألا نَنزعج كثيرا بشأن خلافات ومشاجرات أطفالنا؛ فهذه الخلافات والمشاجرات من شأنها أن تخلق جوًّا من الألفة والعلاقة الجيدة بين الأطفال؛ لأن تلك العلاقة بين الأطفال ما هي إلا مزيج من الشجار والخلاف والتصالُح والحب واللعب.



وهنا يجب أن نمنَح أطفالنا الفرصة للشجار والخِلاف ولو قليلاً، ما دمنا قد نمَّينا فيهم مشاعر الحب والألفة؛ وذلك لأن التربية الصارمة ستجعلهم يُفرغون ما بداخلهم في أشياء أخرى ربما تكون سلبية، ولكن علينا أن نُراقب ذلك الخلاف من بعيد؛ حتى لا يتطور الشجار بينهم ويأخذ أشكالاً أخرى.



ردود فعل الآباء:

يختلف رد فعل الآباء نحو هذا السلوك الوارد من الأبناء، فنجد أن هناك من الآباء:

♦ مَن يثور على الأطفال وعلى سلوكياتهم.



♦ ومنهم من يُعامِل الأطفال بلا مُبالاة وتدليل دون مراعاة ما يَحدث منهم فيما بعد.



♦ ومنهم مَن يتذبذَب في التعامل، فأحيانًا يُعاقبهم، وأحيانًا يَتركهم دون توجيه، وذلك بدون منهج في التعامل، إنما حسب مزاج الأب أو الأم، فإن كانت حالته المزاجية جيدة، يَعفُ عنهم، وإن كانت حالته المزاجية سيئة، تكن العواقب سيئة على الجميع، بما فيهم الأطفال.



♦ ومنهم من يعالج هذا السلوك بحِكمة وصبر باستخدام منهج عِلمي جيد وحوار بنّاء.



ما هي قواعد التعامُل مع هذا الشِّجار؟

بصفة عامة هناك قواعد يجب علينا - نحن الآباءَ - أن نُحاول الالتزام بها؛ حتى يمر هذا الشجار أو الخلاف بين أطفالنا دون أن يَترك بينهم مشاعر سلبية تجاه بعضهم البعض، ومن هذه القواعد:

♦ نُعطي أبناءنا الفرصة لكي يَختلفوا ويُعبِّروا عن غضبهم ولو قليلاً؛ لأن القواعد الصارمة ستَجعلهم يُخرِجون ما بداخلهم بطرُق أخرى.



♦ يجب أن نتدخَّل في الوقت المناسب إذا شَعرنا أن أحد الأبناء سيُصاب بأذى، فلا نسمح أن يأخذ الشجار شكلاً للإيذاء الجسدي بين الأطفال، فإذا حدَث ذلك يجب أن نستخدام قليلاً من الصرامة، ومُطالبتهم بالتوقف فورًا عن الشجار.



♦ يجب أن نكون على الحياد عند نقاش أسباب الشجار أو الخلاف؛ حتى لا نولد لدَيهم مشاعر الكراهية والشُّعور بالظلم.



♦ نُعلم أبناءنا أسلوب التفاوض، فإن اختلفوا على شيء نأخذه منهم ونُخبرهم أنه يُمكنهم استرجاعه بعد أن يصلوا إلى حلٍّ أو اتِّفاق.



♦ لا نُحاول الانحياز إلى أحد الأبناء دون الآخَر.



♦ نُشعر أبناءنا بحبِّنا وباهتمامنا بهم.



♦ لا نُقارن بين أبنائنا بعبارات قاسية مثل: "أخوك أو أختك أفضل منك"؛ لأن ذلك من شأنه أن يولِّد بينهم مشاعر الغيظ والكراهية.



♦ لا نَترُك أبناءنا للفراغ الذي يُصيبهم بالملل.



وبصفة عامة يجب علينا - نحن الآباء - أن نُشبع حاجات أطفالنا المختلفة مثل حاجات الحب والتقدير والاهتمام بهم؛ فإن ذلك من شأنه أن يُشعر الطفل أنه مقبول داخل الأسرة، وبالتالي يكون على علاقة جيدة بجميع أفراد أسرته.



مشكلة الأنانية عند الأطفال




الأطفال الأنانيون هم مَن يهتمون بأنفسِهم أو بمصالحهم، دون الاهتمام بمصالح الآخرين؛ حيث إن نظرة الأنانيين تقتصر على حاجاتهم الخاصة، واهتمام الطفل الأناني مركَّز على نفسه فقط، وهذا ما يميزه عن بقية الأطفال العاديين.



إن مفهوم الأطفال الأنانيين عن أنفسِهم مفهومٌ غيرُ واضح، ونظراتهم للآخرين هي نظرةٌ سالبة؛ حيث ينقصهم الانتماء للجماعة، ويجدون صعوبةً في عَلاقاتهم مع الأطفال الآخرين ومع الأقران.



أسباب الأنانية:

1- الخوف: المخاوف العديدة عند الأطفال تسبِّب الأنانية عندهم؛ مثل: مخاوف (البخل - الرفض - الابتذال)، وهم عادةًيشعرون بالغضب والفزع، وبالتالي يَمِيلون إلى الأنانية، ويُصبِحون مهتمِّين فقط بسعادتهم وسلامتهم الشخصية، ولذلك يُحَاوِلون دائمًا تجنُّب الأذى من الآخرين؛ ولذلك لا يعرضون أنفسَهم - ولو نسبيًّا - إلى الاهتمام بالآخرين، ولا يُظهِرون أيَّ نوع من أنواع التغيير في حياتهم، ودائمًا يَسُودُهم شعورٌ بالقلق والتهيج، وهم يرون الأشياء من خلال أعينهم فقط، ويفسِّرون وجهات نظر الآخرين بأنها مُخجِلة، هم متمركزون حول النفس، ونَكِدون، ومتقلِّبو الأطوار.



2- الدلال أو الدلع: بعض الأطفال يُحَاوِلُون إبعادَ أطفالهم عن أية مواقف مُزعِجة، ويقدِّمون لأطفالهم الحماية الزائدة، ويَحرِصُون على إشباعِ كلِّ ما يحتاجه أطفالهم؛ لذا ينشأ أطفالُهم وهم غير قادرين على تنميةِ قوة الاحتمال أو تطوير ذواتهم، وهذا يقودهم إلى الأنانية.



3- عدم النضج: عدمُ الوعيِ الاجتماعي المناسب، (عدم التقيد بالاتفاقات، وعدم تحمل المسؤولية)، إن الأطفال الذين لا يَستَطِيعون تحمُّل الإحباط، ويريدون الشيء الذي يريدونه عندما يريدونه - هؤلاء الأطفال لا يستطيعون المحافظةَ على كلمتِهم، وهم غير قادرين على تحمل المسؤولية، وهناك أسباب تمنع الأطفال من الوصول إلى النضج؛ منها: (الإعاقة - صعوبات اللغة - اضطرابات في النمو).



طرق الوقاية:

1- تشجيع تقبل النفس: وهو أن تَجعَل للطفلِ قيمةً، وأن يشعر بأنه محبوبٌ، وتوفير الأمان لهم، فإن توافرتْ للطفل القيمة والمحبة والأمان؛ يُصبِح عنده استعداد للاهتمام بمصالح الآخرين.



2- تعليم الأطفال الاهتمام بالآخرين: "حقِّق سعادةَ الآخرين، تحقِّق سعادتك"، إن إظهار الاهتمام بأطفالك وبالآخرين يمثِّل نموذجًا رئيسًا يعتبره الطفل قدوة، بعكس أن يكون الأبوان أنانيين.



3- تربيتهم على بغض التسلط: فتسلُّط الأطفال على الأطفالِ الضعفاءِ يُشعِر الآخرين بالأسى والفشل والحزن؛ لذا على الوالدين تربية الأطفال على عدم التسلط، وحثهم على احترام الجميع.



4- تعويد الطفل على تحمل المسؤولية: وهي طريقةٌ طبيعيةٌ لتعليمِ الأطفال الاهتمامَ بالآخرين؛ مثال: تعليمهم الاهتمام والعناية ببعض الحيوانات الأليفة، فإن قيام الأطفال بالأعمال الخفيفة هي دلالة على تحملهم المسؤولية.



طرق العلاج:

1- تعليم الاحترام بواسطة لعب الدور: حيث إن للآباءِ دَوْرًا كبيرًا في ذلك، بسردِهم قصصًا فيها قيمٌ واضحة تحثُّ على عدم الأنانية، وتُظهِر سلوك الاهتمام بالآخرين على أنه السلوك الصحيح.



2- شرح ومناقشة وتعزيز النتائج الإيجابية للاهتمام بالآخرين: وذلك بشكرِ الأطفال على أي سلوك يُظهِر فيه احترامًا نحو الآخرين، وشرح نتائج هذا الفعل في النفوس.



3- شرح ومناقشة التأثيرات السلبية للأنانية: فلو كان الطفل أنانيًّا، يجب على الأبِ أن يُنَاقِشه بطريقة لطيفة، ومناقشة المواقف الأنانية وسلبيتها مما يحفز الطفل أن يبتعد عن سلوك الأنانية.



4- مناقشة وعي الأطفال وخبراتهم السابقة: فيجبُ تعليمُ الأطفالِ أن يكونوا متفتحي العقول، وقابلين للنقاش، وأن يكونوا أقلَّ خشونة في التعامل مع القضايا والمشاكل، وإظهار الاهتمام بهم وبغيرهم.